اينشتاين والنظرية النسبية

    منذ 100 عام، أصدر ألبرت اينشتاين ثلاث ورقات هزت العالم، هذه الورقات أثبتت وجود الجزيء (اصغر شيء لأية مادة) وقدمت الأوراق النظرية النسبية، ووصفت الورقة الثالثة الميكانيكا الكمية، وما يهمنا هنا هو النظرية النسبية، وأشارت معادلة النظرية النسبية إلي أن الكون يتسع أو في حالة توسع، ولقد شغله ذلك لأنه إذا كان الكون في حالة توسع، ذلك يعني أن له بداية وان هناك من بدأه، ولكن هذه الفكرة لم ترقه، فقدم في نظريته عامل كاذب أو مزور، و أراد اينشتاين بذلك أن ينفي وجود الله حيث أصبحت نظريته بعد إضافة هذا العامل تقول أن الكون كان يتوسع ولازال وليست له بداية.

ولكن في سنة 1929 أوضح أدوين هبل أن المجرات البعيدة كانت تتباعد عن بعضها بنفس الطريقة التي تكهنت بها نظرية الانفجار العظيم التي تقر بأن هناك بداية للكون،وفي سنة 1931 تبني اينشتاين هذه النظرية(الانفجار العظيم) وقد قال عنها " أن هذا أجمل وأفضل تفسير للخلق استمعت إليه" وأشار إلي العامل المزور الذي أضافه إلي نظريته علي انه" اكبر عملية احتيال قام بها في مهنته....

             ويقول الله في خلق الكون"كان رتقا ففتقناه" صدق الله العظيم

وكما سأقوم بشرحه خلال هذه المقالات فأن نظريات اينشتاين تم إثباتها بواسطة التجارب والقياسات،ولكن هناك شي أخر أكثر تعقيدا اكتشف من خلال النظريات، ألا وهو انه ليس الكون وحده لديه بداية ، ولكن الوقت أو الزمن نفسه له بداية، لان تقديرنا للأسباب والتأثير بدأ مع الانفجار العظيم.

وهذا صحيح فالوقت والزمن بالنسبة للكون بدأ فقط بعد الانفجار العظيم، فخط الوقت بدأ لحظة الخلق تلك، كما أن المادة، والطاقة،والوقت، والفضاء، كلها خلقت في لحظة من قبل خالق من خارج إطار الفضاء والوقت الذي نعرفه.

وكتب اينشتاين عن هذه القدرة الخالقة للكون، أنها فائقة الذكاء، وان كل ما توصل إليه الإنسان من تفكير يعتبر قدرا ضئيلا لا يكاد يذكر أمام هذه القدرة، واستطرد قائلا: إن كل إنسان مهتم بالعلم يصبح مقتنعا في تحليله لقوانين الكون الطبيعية، أن هناك روح أعظم بكثير من الروح الإنسانية ، نشعر معها بالتواضع فيما حققناه من علوم.

وهكذا نري أن العلماء لجميع علوم الكون والحياة يصلون في النهاية إلي الاقتناع بوجود خالق أكثر علما وقدرة لا سبيل للمقارنة بينه وبين البشر ولا يجدر أن تكون هناك مقارنة

 
Picture


                 ماذا حدث قبل الانفجار العظيم

   الجواب علي هذا السؤال يكون عادة هو انه ليس هناك شيء ما قبل الانفجار العظيم، لان الانفجار العظيم بدأ كل شيء، بما في ذلك الزمن أو الوقت ذاته، أما الجواب الكلاسيكي عن السؤال فهو نحن لا نعرف ماذا حدث أو ماذا كان قبل الانفجار العظيم كما يجيب العلماء والفيزيائيين.

  وفي هذا العصر يقر كل العلماء والفيزيائيين أنهم وجدوا فقط 5% من الكون ولا زالت هناك 95% من المادة التي من المفروض إن تكون موجودة في الكون مفقودة، ولقد حل بعض العلماء هذه المعضلة بأن قالوا إن هناك مادة داكنة أو مظلمة لا نراها كما إن هناك طاقة داكنة أو مظلمة، ولكن يعتبر هذا الحل ملفقا إلي إن يتم إثبات المادة الداكنة ،وهكذا فالحل لا زال ناقصا.

   والمفاجئة الثانية تأتي من البيانات التي تحصل عليها المسبار (WMAP) وهو المسبار الذي يفحص الخلفية الكونية للموجات القصيرة التي تسمي الميكروويف، وأولي الفحوصات لهذا المسبار تدل علي إن الكون الأول القديم كان ساخنا وكثيفا ومتساويا في مناطق شاسعة من الفضاء ولا نعلم لماذا كان كذلك.

   ولكن أهم ظاهرة مفاجئة في الكون هي أن الأشياء تتغير في هذا الكون وهي تحدث في اتجاه واحد دائم من الماضي إلي الحاضر، وهذا ما يسمي بسهم الزمن، وسهم الزمن هذا يأتي من القانون الثاني للديناميكية الحرارية ويقول هذا القانون إن الأنظمة المغلقة، تتحرك من النظام إلي الفوضى بمرور الزمن، وهذا القانون أساسي قي الفيزياء وعلم الفلك.

   واحد الأسئلة في حالة الكون البدائية الأولي، لماذا بدأت (entropy) الحركة الديناميكية للكون منخفضة، وهذا الانخفاض قرب لحظة الانفجار العظيم، كان مسئولا عن كل شيء يخص سهم الزمن،الموت والحياة والذاكرة، كما أن انسياب الزمن متسلسل في اتجاه واحد ولا يمكن عكسه.

   وللإجابة عن هذه الأسئلة الخاصة بالكون وسهم الزمن، يجب أن نعرف ماذا حدث قبل الانفجار العظيم، وهي أشياء مهمة يجب التفكير فيها، وهي ليست أشياء للمتعة أو الترفيه، نريد قصة للكون تكون منطقية، عندما تحصل أشياء غير عادية لنا، يجب أن نتحري عن الميكانيكية التي تجعل للمشكلة فهما معروفا.

   ونحن الآن لدينا نموذج جيد للكون، والنظريات المتواجدة حاليا لا تجيب عن الأسئلة المطروحة،  إن النسبية العامة الكلاسيكية، تتكهن بأن الكون بدأ بانفرادية، ولكن ذلك لا يثبت أي شيء حتي بعد الانفجار العظيم.

   نظرية التضخم والتي تقترح انه كان هناك مدة زمنية سريعة من الانتشار للكون خلال لحظاته الأولي، حتي هذه النظرية لا تساعد، فهي تجعل المسألة أكثر تعقيدا، لان نظرية التضخم تحتاج إلي نظرية الحالة الأولي للكون، أي ماذا كان هناك قبل حدوث التضخم.

   كما أن هناك نظرية أخري تقول إن الكون عبارة عن حادثة من ألاف أو ربما ملايين الحوادث التي تنتج أكوان وهي دائمة الحدوث، مما يجعلنا نحن والكون عبارة عن فترة في زمن لا متناهي وهو شيء لا يروق لأي بشر أن يفكر فيه، ولقد قال بعض علماء الفيزياء بعد أن قاموا ببحوث عدة لنتائج المسبار (WMAP)، قالوا إن الكون وحيد الجانب، حيث أوضحت الدراسات التي أجراها المسبار الفضائي المذكور، إن تقلبات موجات الميكروويف في خلفية الكون هي اعلي 10% في جهة من السماء دون الجهة الاخري، أي أن الكون ثقيل في جانب من السماء أكثر منه في الجانب الآخر.

   والخلاصة، إنني وجدت مما قرأت من تحاليل وتجارب لعلماء فيزياء وفلكيين، أن البحث في هذا الموضوع، يعتبر تكهن في عصرنا الحالي، فليس هناك إثبات قاطع لأية نظرية حتي الآن، ولم يقدم أي من العلماء في كل مجالات البحث عن ما حدث في الكون قبل الانفجار العظيم، وما حدث بعده مباشرة، وكل ما وجدته هو أن نتائج بحوثهم كانت تحتوي علي كلمات مثل ربما، اعتقد، واقترح، ولكني اعترف أنهم يبذلون جهودا مضنية، وأنهم توصلوا إلي معلومات قد تفيد البشرية، ما كانت لتعرف لولا مجهوداتهم .  

   الانطباع أن الفضاء انتشر بشكل تصاعدي من لاشيء في لحظة علي اثر ما يسمي بالانفجار العظيم وهذا ما يطلق عليه التضخم أو الانتفاخ، ولتحقيق ذلك في هذه النظرية يجب أن يكون لدينا الكون المتساوي في كل الاتجاهات، وهو ما حدث 400000 سنة بعد الانفجار العظيم، وبالطبع وصل العلم الآن إلي مرحلة اظهر فيها أن صدي من الانفجار العظيم والمعروف ( موجات الميكروويف في الخلفية الكونية أو-CMB) والتي رسمت من قبل المسبار(WMAP) التابع لوكالة ناسا الفضائية، مما اظهر بعض التقلبات وان (CMB) يبدوا أنها نفسها في كل مكان مما يدعم نظرية التضخم، ولو أن عيون الإنسان تقيس التردد لكنت رأيت السماء كلها تشتعل، هذا ما يراه المسبار الذي قام بالقياسات، وهذه الإضاءة هي الإضاءة التي بقيت وتناقصت إلي أن أصبحت إشعاع ميكروويف عندما توسع الكون خلال 13.7 بليون سنة الماضية.

   ولكن المشكلة مع نظرية التضخم هذه أنها تتنبأ أن الكون بدا متساويا، ولكن في أوائل هذه السنة كانت هناك دراسة مستفيضة أظهرت أن هناك في الحقيقة عدم تساوي في موجات الميكروويف في الخلفية الكونية، بحيث أن نصف السماء تختلف كليا عن نصفها الآخر.

أن فكرة التضخم تعني كيف توسع الكون وانتشر، ولكن ما جعله يتوسع وما الدوافع التي أدت إلي ذلك، وكم استغرق من الوقت لتوسعه، كل هذه الأسئلة أصبحت الآن من غير جواب صحيح، والظاهر أن الإنسان كلما توصل إلي فكرة معينة لشرح هذا الكون تتولد أسئلة أكثر عن هذه الفكرة، ومن هذه الأسئلة  ماذا حصل قبل الانفجار العظيم هل تكون الكون الحالي من كون قديم عظيم، أو أن هناك أكوان أخري تكونت ولا زالت تحدث وهذا الكون الذي نراه هو احدها فقط، أن الإنسان الذي يعيش علي الكرة الأرضية والتي تتبع نجم صغير هو الشمس من بين ملايين النجوم المتواجدة في مجرة عادية هي احدي ملايين المجرات قي هذا الكون يطمح هذا الإنسان في أن يعرف ابعد من الكون المتواجد به، فهل سيستطيع ؟

 
Picture
آلة الزمن

 أن العلماء في وكالة ناسا الفضائية يستعملون المناظير كآلة زمن، حيث أنهم يستعملون المناظير لرؤية ما حدث للكون في الماضي، كما أنهم يقتربون من التعرف علي أولي الأجرام السماوية التي عاشت منذ أوائل البليون سنة من الانفجار العظيم.

   طبقا للعلوم الحالية فان الفضاء والوقت والمادة وجدت منذ 13.7 بليون سنة، في انفجار هائل سمي بالانفجار العظيم، وبعد بضعة ملايين السنين من ذلك الانفجار تكونت أوائل النجوم، منهية بذلك العصر المظلم للكون، ويعتقد العلماء أن الأجرام التي رآها منظار سبتسر الفضائي أما أن تكون أوائل النجوم- مئات المرات حجم الشمس- أو أنها ثقوب سوداء تستهلك الغاز، وتطلق أطنان من الطاقة، فإذا صح أنها نجوم، فان تجمعات هذه النجوم ربما تكون أولي المجرات القزمية ، ومجرتنا طريق التبانة ربما تكونت من اختلاط عدد من هذه المجرات القزمية.

  أن العلماء يستعملون منظار سبتسر الفضائي للنظر إلي الخلفية الكونية بالذات في حيز الأشعة ما تحت الحمراء، الضوء المنتشر من العصور الماضية عندما بدا تكون الكون، وهناك دراسة سابقة قدمت سنة 2005م، حيث تم اكتشاف أشعة ما تحت الحمراء ناتجة عن مجموعات من أوائل الأجرام في الكون، وهذا التحليل الثاني الذي يشير إلي أن هذه الأشعة المكتشفة، موزعة علي كل السماء وهي صادرة عن عناقيد لأجرام مضيئة هائلة تبعد عنا بحوالي 13 بليون سنة ضوئية، ورغم أن الضوء قد بدا رحلته كضوء منظور أو ما فوق البنفسجي، ولكنه في الوقت الذي وصل فيه إلي الأرض، فان موجته كانت قد تمددت إلي أن أصبحت أشعة ما تحت الحمراء نتيجة للفضاء والوقت الذي يتسبب في توسع الكون، وبناء علي قوة إشارة ضوء أشعة ما تحت الأحمر، فان العلماء أضافوا أن الطاقة الصادرة عن تلك الأجرام كانت هائلة جدا، مما يعني أنها لا تصدر إلا عن نجوم هائلة أو ثقوب سوداء تستهلك كميات هائلة من المادة.

   انك عندما تنظر بمنظار إلي الفضاء، فانك في الحقيقة تنظر إلي الزمن الماضي، أن المناظير تكتشف الضوء الصادر عن الأجرام السماوية، والضوء الذي يصلنا من اقرب المجرات إلينا، وهي مجرة المرأة المسلسلة (اندرو ميدا) مثلا، يستغرق 2 مليون سنة حتي يصلنا، أن المنظار الفضائي سبتسر نظر إلي أولي الأجرام السماوية المضيئة في الكون، هذا المنظار فحص خمسة مناطق من السماء لمدة 25 ساعة لكل منطقة، مما جعله قادرا علي التقاط اضعف إضاءة صادرة عن جرم، ثم قام الفلكيين بإلغاء الضوء الخاص بالأجرام التي كانت قريبة نسبيا وتقع بيننا وبين الأجرام البعيدة، مثل المجرات القريبة والغبار في نظامنا الشمسي، كما ألغيت كل السحب السديمية، وكل ما تبقي هو الضوء القديم، ودرس العلماء التغييرات في قوة الأشعة ما تحت الحمراء، مما جعلهم يكتشفون أن هذه الأشعة صادرة عن أجرام سماوية قديمة جدا بقدم الكون نفسه، ولذا فكأنهم نظروا إلي الزمن الماضي السحيق عندما كان الكون في بدايته.

أولي الأجرام في الكون.

   قام العلماء بإزالة الضوء والمجرات المعروفة والنجوم من صور التقطت من قبل منظار سبتسر الفضائي، وما بقي في الصور يعتقد بأنه أولي الأجرام الفضائية في الكون، والتي تبعد عنا 13 بليون سنة ضوئية، إن الأجرام الأولي انتهت ولكن ضوئها لا زال موجود وهو الذي نراه، ويصبح ممكن معرفة كيف كان شكلها، ان فيزيائي الفلك يعتقدون أنهم لمحوا لمعانا خافتا من نجوم ولدت في بداية الزمن، والسبب في خفوتها هو أنها بعيدة جدا، ربما تكون في حدود الكون، هذا إن كان له حدود.

    بعد الانفجار العظيم اظلم الكون لمدة 200 مليون سنة، والان توضح الصور الملتقطة اضواءا من أجرام تبعد 13 بليون سنة ضوئية (ألف مليون)، والتي تعتبر مواليد هذا الكون، أي أننا نري ما يصفه البعض أول نور في الكون، والذي خلق بعد الانفجار العظيم، وباستعمال صور التقطت من قبل المنظار الفضائي سبتسر، قام العلماء أولا بإزالة أضواء النجوم والمجرات القريبة، وبقية الأضواء التي بقيت في الخلفية يعتقد أنها لأولي الأجرام في الفضاء، ويعتقد العلماء أن الكون الأولي كان ساخنا، حيث كانت الأجرام الذي تملاه تشع ضوءا بشدة أكثر من ما نراه الآن.

   وكانت هذه الأجرام الأولية إما نجوما، اكبر مئات المرات من الشمس، أو ثقوب سوداء هائلة، علي أي حال الصورة تقربنا من تعلم كيف ولد هذا الكون، وهناك مخطط لوكالة ناسا لإرسال منظار فضائي (جيمس ويب) والذي سيتعرف علي طبيعة العناقيد التي وجدت ويحدد ما إذا كانت نجوما أو ثقوب سوداء.